المزاج
ربما أحس لاعب أقل موهبة بالأسى بعد أن فقد لقب أغلى لاعب في العالم بعد ثمانية عشر يوماً فقط.
واللاعب الذي نتحدث عنه هو ريكاردو إيزيكسون دوسانتوس ليتي لاعب ميلان الإيطالي سابقاً وريال مدريد حالياً الذي يعرفه العالم باسم كاكا الذي دفع النادي الملكي 59 مليون جنيه إسترليني ثمناً لانتقاله إلى صفوفه. وكانت أمام السوبر ستار البرازيلي فرصة الحصول على راتب أكبر من ذلك الذي منحه إياه ريال مدريد ويبلغ 13 مليون إسترليني سنوياً عرضه عليه نادي مانشستر سيتي ورفضه في يناير الماضي. والواقع أن عرض مان سيتي الذي بلغ 100 مليون جنيه إسترليني لو وافق عليه كاكا لما ذهبت بطاقة أغلى لاعب في العالم للبرتغالي كريستيانو رونالدو، ولما عاد لمواجهة ناديه السابق ميلان في دوري أبطال أوروبا بعد القرعة التي حددت هذا الموعد في مرحلة المجموعات.
ولربما كانت موافقته على عرض مان سيتي بمثابة الخبر السعيد بالنسبة لكنيسة الإيفانجليكية التي يمنحها عادة عشرة بالمئة من رواتبه ومستحقاته. وإذا أمعنت النظر أدركت أنه أطول مما يبدو عليه في التلفزيون وبنيته نحيلة لكنها ليست ضعيفة، وكان أحدهم قد أخبره عندما كان في السادسة عشرة أنه نحيل جداً بحيث لا يصلح أن يحترف كرة القدم، ورغم وداعته وعدم ميله للألعاب الخشنة إلا أنه عاشق لكرة القدم وفي غاية الجدية عند ممارستها منذ أن بدأ والده وهو الآن مدير أعماله في اصطحابه لمتابعة مباريات ساوباولو الفريق المحلي عندما كان في الثامنة وهو يدرك كذلك كيف أن حياته كانت تتبع منحى مختلفا لو لم يتعاف من الحادثة الرهيبة التي تعرض لها بأحد المسابح أوشكت على إصابته بالشلل الكامل عندما كان في التاسعة.
أنفق أموالي لإثبات مقدرة الله على عباده... معروف عن كاكا تدينه الشديد وأنه يواظب على الصلاة يومياً ويحمل الإنجيل معه أينما ذهب بل ويحضر دروساً دينية استعداداً للانخراط في سلك الكنيسة عند تقاعده. أما عن المال فلا يعرف عنه الجشع ويعبر عن ذلك بقوله «ما الذي يمكن أن أفعله بثلاثة عشر مليوناً ولا أفعله بثلاثة ملايين؟ ولماذا أرغب في أكثر مما أحتاجه؟ وكل ما أطلبه هو السعادة والسلام وأنوي أن أصبح مثالاً للاعب المحترف مع ريال مدريد مثلما كنت مع ميلان، وأذكر أنه عندما تم تعميدي عام 1994 حدث لي أمر خارق لا أستطيع تفسيره لكنه غير حياتي بالكامل وأصبحت أكثر روحانية.
المبلغ الذي دفع لشرائي ورونالدو لا يزعجني كثيراً
ولد كاكا ونشأ في عائلة متوسطة ومتدينة شجعته كثيراً لتحصيل العلم بالمدرسة أما فيما يتعلق بالرياضة فأبدى اهتماماً مبكراً بممارسة التنس.
بعد ذلك انتقلت عائلته إلى مدينة ساو باولو عندما كان في السابعة، وبعد مشاهدة فريق المدينة الكروي انضم مباشرة إلى فريق المراحل السنية فيه. وتحول مباشرة إلى أشهر لاعب بالفريق إلى درجة أنه حصل على عقد معه وهو في الخامسة عشرة.
بعد ذلك بعامين شارك في أول مباراة رسمية كمحترف، وفي عام 2003 أقنعت موهبته فريق ميلان لتسجيله مقابل 5 ملايين إسترليني.
وحصل مع فريقه الجديد على بطولة الدوري في أول موسم معه.
المحطة الأولى: فريق ساو باولو البرازيلي
ويتذكر كاكا طفولته قائلاً: «عندما كنا أطفالاً كنا محظوظين مقارنة بغالية الأسر الأخرى وأمضيت سنوات طفولتي الأولى مع الأسرة في مدينة برازيليا فيما يمكن تسميته بحي مثقف من الطبقة الوسطى، وعندما انتقلنا إلى ساو باولو أقمنا في أحد ضواحي المدينة وعمل والدي مهندساً مدنياً وكانت والدتي معلمة.
أما ذكرياتي الأولى مع الكرة فكانت عندما اصطحبني والدي لمباريات فريق ساو باولو ثم التحقت بفريق الناشئين نفس ذلك العام ومن هناك تنامى عندي عشق الكرة وكان مثلي الأعلى هو والدي، ومارسنا كرة القدم كهواية وليس كمهنة ومعها داومت على الدراسة دواماً كاملاً.
وفي عائلتي مارس عدد من أعضائها كرة القدم ولكن والدي وأنا الوحيدان اللذان مارساها على المستوى الاحترافي، وكنا أنا وديجاو معاً في فريق ميلان حتى قبل فترة قليلة لكنه كان لاعباً بالإعارة مع فريق ستاندارد لياتي الموسم الماضي وهو قلب دفاع جيد».
«أكبر إنجازاتي هو الفوز بعدد من الألقاب مع ميلان ومع البرازيل صحيح أن الألقاب الشخصية ذات نكهة خاصة لكنها لا تمثل الدافع الأول بالنسبة لي، وعندما تلعب في أجواء الفريق تدرك مدى شغفك لتحقيق نفس أهداف الآخرين لذلك يكون الفوز ذا طعم خاص برفقة الزملاء الآخرين ولا ينسى».
28 لقباً و27 عاماً
يبلغ كاكا السابعة والعشرين وفي خزانته 28 لقباً والآن يعتبره النقاد في قمة عطائه حالياً وهو يتأهب لخوض موسمه الأول مع ريال مدريد بالليجا الأسبانية والطريف أن عشاق النادي اللندني تابعوا قرعة دوري أبطال أوروبا باهتمام متوقعين أن توقع ريال مدريد أمام أحد أندية الدوري الإنجليزي الأربعة الكبار، وخصوصاً مانشستر يونايتد.
لكن ذلك لم يحدث وتفادت الفرق الخمسة الإنجليزية الكبرى لقاء ريال مدريد وبرشلونة لحسن حظها.
أما بالنسبة لكاكا الذي يؤمن بالقدر فقد تنبأ بمواجهة ريال مدريد مع ناديه القديم ميلان وبالفعل حدث ذلك خلال سحب القرعة في موناكو.
مانشستر سيتي وإغراء المال
خلال 36 ساعة كاملة في يناير الماضي اكتظت الشوارع حول ملعب سان سيرو بجمهور المعارضين الذين لم يفهموا سبب رحيل بطلهم ونجمهم اللامع إلى فريق إنجليزي لم يسمع عدد كبير منهم به من قبل.
وكان الفهم العام أن كاكا يتعرض لضغوط عنيفة للمغادرة لكن بعد أن أعلن جاري كوك المدير التنفيذي لنادي مان سيتي أن الصفقة فشلت وأن كاكا رفضها تنفس عشاق ميلان الصعداء.
فبعد 270 مباراة ومعها لقبا سكوديتو ودوري أبطال أوروبا لمرتين كان من الصعب أن يتخيل جمهور النادي أن الجنتلمان قد يغادر. ولا أن يعود ليلعب ضد فريقه وهو يرتدي ألوان ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا.
يقول كاكا عن ذلك «العودة إلى ميلان مناسبة خاصة جداً بالنسبة لي ومواجهة زملائي القدامى وأصدقائي بالنادي الذي أكن له شغفاً خاصاً وأتوقع استقبالاً جيداً لأني محبوب لدى جمهور سان سيرو، واحترم كثيراً كذلك ميلان كمدينة وزيورخ ومرسيليا وفي كل منها فريق مميز أوقعتنا القرعة أمامه، ونتأهب من الآن لتقديم الأفضل أمامها ولا تنسوا أن المباراة النهائية على أرضنا في ملعب برنابيو ونود الفوز بها».
تشلسي الفريق الانجليزي الذي يجب هزيمته
وعن الأندية الانجليزية يقول كاكا «فقدت الفرق الإنجليزية عددا من نجومها الكبار بينما حافظت الأندية الإسبانية على لاعبيها المميزين وأضافت إليهم أفضل ما في أوروبا».
وفي آخر مرة حاول فيها فلورنتينو بيريز تجميع فرقة الجلاكتيكوس في ريال مدريد صدم الفريق بظهور المدرب فرانك رايكارد مع برشلونة.
وهذه المرة يحاول الفريق الملكي إزاحة النادي الكاتالوني عن طريقه بعد أن حصد المدرب الجديد بيبي غوارديولا جميع الألقاب في أول موسم له وحقق الثلاثية.
والواقع يقول أن الريال لم يحرز دوري أبطال أوروبا منذ أن تسببت ثنائية زين الذين زيدان في هزيمة باير ليفركوزن على ملعب هامبدن بارك عام 2002. ومنذ ذلك التاريخ رفع برشلونة أفضل بطولاته مرتين.
ولا يشك أحد أن أيام كاكا على ملعب برنابيو ستكون مشحونة بالضغوط، والفشل في الفوز بالدوري أو دوري الأبطال ستكون نتيجته رأس المدرب مانويل بيليغريني بعد موسم واحد والواقع يقول انه قد يستبعد حتى لو فاز بها.
ثم هناك اللاعبون، وهو ناد اشتهر بالتخلص من لاعبيه بعد ستة أشهر إذا لم يتحقق الهدف من شرائهم.
فهل يشعر كاكا بالقلق من انتقاله إلى مدريد؟ يقول عن ذلك «لست قلقاً ولن تكون التجربة بنفس الصعوبة عندما تركت مسقط رأسي ورحلت إلى إيطاليا وعليك تقبل حقيقة أن الأمور لن تكون كما اعتدت عليها في الوطن ولماذا تكون كذلك فأنت في دولة أخرى ومع ذلك لا يزعجني كثيراً المبلغ الذي دفعه ريال مدريد لشرائي أنا ورونالدو وإذا كنا بهذه البراعة فبإمكاننا التعامل مع هذا الواقع.
