سمع طارق أذان الجمعة و هو بعد ما زال نائماً ، ففتح عينيه فى إرهاق ثم تثائب فى
كسل ، و أغمض عينيه ثانية ، و لكن صوت الأذان كان عالياً ، فأزاح الغطاء و جلس
مكانه يفرك فى عينيه و يهرش فى رأسه
لم يكن من عادته أن يصلى الجمعة و لكن هذه المرة أراد أن يتغلب على كسله ، و
لكن جفناه ثقيلان كأنهما جبلان
حدثته نفسه أن يعود إلى النوم ثانية و استحلى هو هذا النداء ، ثم نفض رأسه فى
قوة كى يفيق ، و يبعد هذا الخاطر عن رأسه
ثم تذكر أنه لم يصل الصبح ، فتضايق و استغفر ثم نادى أمه
فأتت أمه و على يديها أثر رغاوى مسحوق الغسيل
الأم : صباح الخير يا طارق .... إيه اللى صحاك دلوقت ؟ لسة بدرى على الشغل
طارق : يا ماما مش أنا قلت لك صحينى أصلى الصبح ؟
الأم : ما هانش على أصحيك و انت جى تعبان بالليل(1)
طارق : ( ما زال يفرك فى عينيه) يا ماما مينفعش ... ابقى صحينى أصلى ياماما بعد كده
الأم : حاضر يا حبيبى .... ربنا يقوى إيمانك
ينزل (طارق) رجليه و يضعهما على الأرض و هو ما زال جالساً على السرير و يضع
مرفقيه على ركبيته و يضع رأسه على كفيه
الأم : انت حتقوم خلاص ؟
طارق : آه ياماما حاروح أصلى الجمعة
الأم : ( باستغراب) حتروح تصلى الجمعة ؟
طارق : آه ... و بعد كده مش حاسيب الصلاة تانى
الأم : ربنا يكرمك يا بنى ... عقبال أخوك
طارق : خالى (كرم ) ما اتصلش ؟
الأم : اتصل و قال إنه جاى النهاردة ... و يمكن يبات معانا كام يوم
طارق : و الله ؟ اشمعنى ؟
الأم : أصله بيوضب فى شقته
طارق : طيب كويس أصلى كنت عاوزه ضرورى
طارق : أمال بابا فين ؟
الأم : ( و هى تخرج من الحجرة) راح يصلى ... حتلاقيه فى الجامع
ثم ينهض بكسل و يدخل الحمام ليتوضأ ، ثم ارتدى ملابسه و نزل إلى مسجد شارعهم
كان المسجد متوسطاً فى المساحة لا هو بالكبير و لا هو بالصغير ، و لكنه للأسف
أوكل به إمام و خطيب لم يحبةأهل الحى ، من أجل ذلك كان الإقبال على المسجد
ضعيف جداً ، حتى أنه فى يوم الجمعة لا يكاد نصف المسجد يمتلأ ، و معظم
المصلين من كبار السن و أصحاب المحلات المحيطة
و انصرف الناس إلى مسجد من مساجد أنصار السنة ، لأنهم كانوا يسمعون فيها
خطبة قيمة و الإمام صوته شجى و قراءته طيبة
دخل طارق إلى المسجد و كان الخطيب قد بدأ الخطبة فنظر يبحث عن مكان فارغ
فوجد مكاناً فى آخر المسجد شبه مظلم ووجد أباه و ليس جواره أحد
.
وجده قد ارتكن إلى حائط المسجد و قد راح فى نوم عميق و فتح فمه و علا صوت
شخيره ، فذهب و جلس بجواره(2) و جعل يوقظه و أخيراً بعد محاولات كثيرة انتبه
الأب : ... فيه إيه ؟
طارق : قوم يا بابا
...
الأب : عاوز إيه؟ ... فين أمك ؟
طارق : ( يهمس) قوم يابابا إحنا فى الجامع ... انت مش حتبطل حكاية النوم دى ؟
الأب : ( يتمطى )منمتش و لا حاجة أنا صاحى أهو
طارق : قوم يا بابا اتوضى
الأب : ليه ؟
طارق : عشان نمت
كل هذا و الخطيب يخطب
الأب : لأ .. ما أنا واخد بالى ... عملت حسابى و قاعد كويس ... بس انت إيه اللى جابك النهاردة يعنى ؟
هز (طارق ) كتفيه و لم يرد ثم التفت إلى الخطيب يسمع ما تبقى من الخطبة ، و
أسند الأب رأسه إلى الحائط ثم بعد قليل سافر مرة أخرى و قد اطمأن أن (طارق )
بجواره سوف يوقظه عند الصلاة ، ثم ارتفع صوت شخيره ، والتفت إليه طارق فانتقلت
إليه عدوى النوم الذى لم يشبع منه بعد ، فتثاءب بقوة و تثاقلت أجفانه فظل يقاوم
النوم ، و لكن الحق يقال ، كان النوم أقوى منه و معركته الشرسة معه انتهت لصالح
النوم ، فأسند طارق رأسه على الحائط و أغمض عينيه و راح فى سبات عميق .....
خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
خخخخخخخ
خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ
انتهت الخطبة و أقيم للصلاة و صلى الناس و بدأوا يخرجون من المسجد ، و ما زال (طارق) و أبوه نائمين
و انتبه إليهم (عواد) خادم المسجد فخف إليهما و جلس بجوار الأب يهزه برفق
عواد : حاج (عبدو) ... حاج (عبدو ) ... قوم يا حاج
يفتح أبو (طارق) عينيه فى صعوبة و هو غير منتبه لم يجرى ، فلما رأى (عواد) أدرك الموقف
عبده : إيه يا عواد .... قاموا الصلاة ؟
عواد : صلاة إيه يا أبو (طارق) ما صلينا و خلاص
عبده : بجد و الله ؟
عواد : مصلتش قدام ليه كنا صحيناك ؟
عبده : ( بخجل ) الواد (طارق) ابنى كان قاعد جنبى و قلت إنه حيصحينى
يشير عواد إلى (طارق) الذى أسند رأسه إلى الحائط هو الآخر و قد ذهب فى سبات عميق
فينهض الأب بحياء ليوقظ ولده النائم
عبده : طارق ... طارق ... قوم
يفتح طارق عيناه ثم يدرك الموقف فينتفض فزعاً
طارق : هم صلوا يا بابا ؟
عبده : آه صلوا
طارق : و مصحتنيش ليه يابابا ؟
عبده : أنا كمان كنت نايم
طارق : ( بأسف) يعنى المرة اللى آجى فيها تروح على نومة ؟
ثم اتلفت أبوه إلى (عواد)ـ
عبده : حد أخد باله يا (عواد) ؟
عواد : لأ يا أستاذ( عبده)ـ
عبده : الحمد لله ... مش عارف صلاة الجمعة دى زى ما يكون فيها منوم
ثم يخرج و (طارق) و يصعدان إلى المنزل ، فتستقبلهم الأم باشة
الأم : عينى عليكو باردة ... أيوه كده عشان ربنا يرضى علينا
طارق : بقولك إيه ياماما ... جهزي لى الفطار عشان أمتأخرش على الشغل
الأم : من عينى يا حبيبى
ثم تسرع إلى المطبخ لتعد طعام الإفطار ، فى حين يدخل هو غرفته يصلى الصبح و الظهر
انتهى من الإفطار سريعاً ثم ارتدى ملابسه و سلم على والديه و انطلق إلى عمله